إبر التنحيف- حل سحري أم خطر يهدد الصحة والاقتصاد؟
المؤلف: عقل العقل11.05.2025

يشهد العالم المتقدم إفراطًا في تناول الطعام وأنماط استهلاكية ضارة، ممّا أدى إلى ارتفاع معدلات السمنة، التي تشكل خطرًا جسيمًا على صحة الإنسان. تتسبب السمنة في العديد من الأمراض، مثل السكري والضغط، بالإضافة إلى مشاكل العظام والأعصاب والقلب، وحتى أنواع مختلفة من السرطانات. هذا بالإضافة إلى الآثار النفسية السلبية التي يعاني منها المصابون بها.
وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في عام 2016، يعاني ما يقرب من 1.9 مليار شخص حول العالم من السمنة، منهم حوالي الثلث يعانون من السمنة المفرطة. تتركز أعلى نسبة من هؤلاء في أمريكا الشمالية، بينما توجد أقل نسبة في القارة الأوروبية. وفي منطقتنا العربية، يعاني حوالي 29% من البالغين من السمنة، بينما تعتبر الدول الآسيوية من المناطق الأقل في معدلات السمنة على مستوى العالم.
من الناحية الاقتصادية، قُدّرت التكلفة الاقتصادية للسمنة بحوالي ملياري دولار سنويًا في عام 2020، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم بشكل ملحوظ في السنوات القادمة. تشهد دول الخليج العربي ارتفاعًا في معدلات السمنة، حيث تصل إلى حوالي 40% بين السكان، وذلك لأسباب متنوعة، بما في ذلك المناخ الحار، وقلة النشاط البدني والرياضة، والاستخدام المكثف للسيارات في التنقلات، بالإضافة إلى أنماط الأكل والغذاء السائدة في هذه الدول. حتى أن معدلات السمنة مرتفعة بين الأطفال، ممّا يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري، خاصة من النوع الثاني.
في السنوات الأخيرة، انتشرت العمليات الجراحية لإنقاص الوزن بشكل كبير، حتى أصبحت ظاهرة. بل إن بعض الأشخاص يسافرون إلى الدول المجاورة للاستفادة من الأسعار المنخفضة لهذه العمليات، وهذا حق مكفول للجميع. وفي الآونة الأخيرة، ظهرت مجموعة من الأدوية لتخفيف الوزن، ويبدو أنها تحقق نجاحًا لافتًا، خاصة إبر التنحيف، التي تستخدم في الأساس لعلاج مرض السكري من النوع الثاني. ومع ذلك، تكمن المشكلة الخطيرة في أن هذه الإبر قد تُصرف للبعض دون وصفة طبية، واستخدامها في هذه الحالة قد يكون خطيرًا ومميتًا لبعض الفئات. من الضروري جدًا أن يكون هناك رقابة صارمة على صرفها واستخدامها.
أفاد أحد مواطني دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق لصحيفة أجنبية بأنه يسافر إلى دولة خليجية مجاورة للحصول على هذه الإبر، لأن تلك الدول تبيعها دون وصفة طبية، على الرغم من ارتفاع أسعارها. وهذا يثير إشكالية أخرى، وهي أن الحصول عليها قد يكون مرتبطًا بالوضع الاقتصادي، وقد تحرم منها الفئات السكانية الأقل دخلًا. يجب أن يكون للأجهزة الصحية الرسمية دور رئيسي في عملية صرف هذا الدواء للمستحقين، وضمان عدم وجود تمييز بين المرضى في هذا الجانب.
إبر التنحيف هي أحدث صيحة في عالم إنقاص الوزن، وتحقق مبيعات بمليارات الدولارات. ومع ذلك، لها جوانب سلبية من وجهة نظر بعض الاقتصاديين، الذين يرون، على سبيل المثال، أن قطاع المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة هو الأكثر تضررًا بسبب إحجام مستخدمي هذه الإبر عن الأكل فيها، وانخفاض استهلاكهم للطعام بشكل عام. كذلك، تواجه صناعة التبغ والتدخين تهديدًا وخسائر نتيجة إقلاع البعض عن هذه العادة المدمرة للصحة. كما تتأثر صناعة الملابس، وخاصة المقاسات الكبيرة، حيث لم يعد الأشخاص الذين كانوا يعانون من السمنة بحاجة إليها بعد أن أصبحوا أكثر رشاقة.
أعتقد أن العديد من الأنشطة التجارية ستتضرر إذا أثبتت هذه العلاجات فعاليتها في العقود القادمة، وانخفضت مخاطرها الصحية، وهذا هو المتوقع، خاصة بالنسبة للقطاع الصحي والأطباء العاملين في العمليات الجراحية لعلاج السمنة. لذا، لا ينبغي أن نستغرب من بعض التشكيك في فعالية إبر التنحيف وجدواها، كما نسمع من البعض.
